|
أمي المسافرة منذ سنوات
تركت باب الحديث مواربا
وامتطت الصمت براقا
كلما سقط غصن يابس
من فوق شفتي الكلام
ابحث عن بعض وريقات شمس
كانت قد تركتها في أحد أدراج الذاكرة
كلما تعالت خشخشة الريح
وتصاعد عوائها خارج نافذتي
أعيد طلاء جدراني
بلون السماء الذي كانت تحب
أن تقشره ليصلني صوتها
أمي المسافرة منذ سنوات
لم تترك لي عنوان البيت
ويبدو المفتاح الذي أحمله
ليس لهذا الباب الذي يغلق عليها
كلما قرعت أجراسها
تنبهت الوحدة
وهرعت تفتح لي بابتسامة
تحاول تلهيني ببعض وجوه عابرة
ولا تجيب عن سؤالي الملح
متى تعود أمي من سفرها؟
متى ينتهي هذا الانتظار؟
ومحطات اللقاء بيننا يا أمي
كادت أن تلتقي عدة مرات
فكنت ألمح وجهك يبتسم لي من بعيد
لكن ما تلبث الحياة أن تعاود
غرس المسافات بيننا مرارا
وإحالة اللقاء إلى مواعيد جاحدة
باللهفة إلى رؤية وجهك
فتقف في المسافة الفاصلة بيننا
بقهقهات خبيثة
تشتت انتباه عقاربها السامة
فلا تضبط مواعيدها
على مواقيت الحياة
ولا مواقيت الموت
فأبقى حيث أنا
في دائرة لا تنتهي من الانتظار
وأنت تبتسمين من بعيد
وتلوحين لي بإشارة
أن حضنك الدافئ
ما يزال يتسع لي
... ولو بعد حين
|
لطفاً إشترك في الصفحات التالية |