رباعية شيوعية


 


 

-1-
(أنور یاسین)

حین یحضر الوطن، یغیب المنفى..
وحین یحضر المنفى یكون الوطن المجسد بعیدا
.
تلك معادلة تسیر وفق تسلسل منطقي، لا تصدم الإثنین معا، فحضور أحدھما یعني غیاب للآخر، ولو بشكل مؤقت وعابر.

ولكن إذا ما أعدنا ترتیب المعادلة لتأخذ منحى آخر یجمع الإثنین معا تكون النتیجة كالتالي
:
الوطن یا صاحبي ھو في أین تستقر الروح ولیس أي شيء أخر. لیس الذكریات أو الأشجار أو الجبال، ولو أنني أعتقد أن تلك الأشیاء ھي من مكونات ذلك الإستقرار، طالما أن تلك المشاھد والذكریات موجودة في ضمائرنا، فأقول ردا وجوابا :

یقول الصدیق:
أما لوبة الروح وقلقھا، فھي القدر الذي لا بد من مصالحتھا. ھل كنت تتصور، ولو في الحلم، أن
العرب یستجدون الرضى من قاتل أطفالھم وأحلامھم وماضیھم ومستقبلھم كما یحدث الآن؟ إذن لماذا لا تجعل مصالحة الروح ھي الأقرب؟
.
أجیب :
یا صدیقي، قد أصالح الروح فھذا أمر مقدور علیھا.. ولكن كیف لنا أن نقطع مع الذاكرة؟
.نحن الذین كنا على شفا عالم نریده أكثر اختلافا .. ولكن اعتراه ما اعتراه!!..


–2–

كان أستاذي في مادة الرسم، في المرحلة الإبتدائیة، یقول لي لا أریدك أن ترسم صیادا یلقي بصنارتھا في البحر عندما أطلب منك منظر صید. أریدك أن ترسم لھفة الصیاد وحركة أمعائه الجائعة واضطراب السمكة وغفلتھا وھي تأكل الطعم القاتل ..


– 3–

طوبى لمن یملكون من الكلام أبلغھ ومن الوصف أوجزه
.
طوبى لمن لا یعجز لسانھ عن رثاء حالتنا
..
طوبى لمن یمد إصبعه وینكأ الجرح
..
ولمن یقول القول ویشھد الناس علیھ
..
طوبى للقائل
:
نحن أمة دخلت في طور الكآبة الجماعیة ..


– 4–
( إلى الحزب الشیوعي اللبناني )

على قمة صخرة شاھقة
طائران یلفھما الضباب
..
ثمة قتامة في المشھد إلا أن ھنالك الكثیر من بقع الضوء المتناثرة ھنا وھناك ..
ووراء ھذا الأفق الغامض مدى مفتوح .. وخلف ذلك الإصرار على بقاء الحزب أنقى وأرقى من یعبر عن حال الوطن الرث ..
وخلف ذلك الإصرار على استمراریة الإستشھاد في سبیل الوطن دون ضجة إعلامیة وبوسترات وحفلات ندب ولطم ..
یحط أجمل الكلام
..
إلى اللقاء في المستقبل
أو في عالم آخر