الكلمة



حمّل النسخة الورقية


يا معلّمي
يا قائد الثورة

 

 

وكان في تلك الكورة رعاة متبدون، يحرسون حراسات الليل على رعيتهم، وإذا ملاك الرب وقف بهم، ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفاً عظيماً، فقال لهم الملاك: لا تخافوا فهذا أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لكل الشعب، إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الرب (لوقا 2 : 11-8).

قاطع ومباشر منذ الإستهلال، منحاز وفريق في النزاع قبل أن يفتح عينيه، هذا المسيح الكادح. ولأنه كذلك، أرسل عمداً وعن سابق إصرارٍ ليُعلم الرعاة عن قدومه دون أن يكلف نفسه عناء إبلاغ الحاكم والوزراء ووجهاء الحارة.

إمعاناً في التحدي، اختار المذود. كشف أوراقه سلفاً ليقطع الطريق على أي تسوية أو ولادة حيادية تقيد حركاته وتلزمه بالمواقف الرسمية والدبلوماسية.

"ولد لكم"، لكم تحديداً وتخصيصاً، فالآخرون عندهم آلهة كفاية. أما أنتم فما زلتم تنتظرون... وها قد وصل.
لا تخافوا، جاء حتى يخافوا هم...وخافوا فعلاً.
"اذبحوا الأطفال" أمر هيرودس، فهرب إلى مصر لاجئاً سياسياً وهو بعد مقمّط.

عاد، لكنه لم يصبر طويلاً.
في الثانية عشرة من عمره ضبطوه يعلم ويجادل في مجامع اليهود، ثم اختفت آثاره ليظهر فجأة في سن الرشد مدشناً أوسع حملة تحريضية. اختار اثني عشر كادحاً مثله، وبدأت المشاغبة ومن كل نوع وضد الكل: الصدوقيين، الفريسيين، الصيارفة وباعة الحَمام.

لم يوفر أحداً، مخالفات يومية، تجاوزات على الشريعة وأنظمة الدولة تعد بالمئات.
لا يعاشرون الخطاة...عاشرهم!
لا يعملون يوم السبت...عمل حتى تعب!
لا يغفرون الخطايا...غفر!
يغتسلون كالمصاب بالجرب قبل الأكل...لم يغتسل!
يجلسون في المتكآت الأولى...جلس في الصف الأخير!
ضجوا منه، لم يكترث...استمر في لعب الشوط حتى النهاية.
سياسة عض الأصابع.
...وصرخوا أولًا.

أحالوه على المحكمة بجرم سياسي...تهمتان:
- "يفسد الأمة" (لوقا 2:23)
- "إنه يهيج الشعب" (لوقا 5:23)
سأله بيلاطس:
أنت ملك اليهود؟ فأجابه: أنت قلت، ثم أضرب عن الكلام.
أحرجهم فأخرجهم.
اصلبه ... اصلبه ... صاحوا.
صلبوه، فقام في اليوم الثالث.
وفي اللحظة الأولى لقيامته ارتكب مخالفة جديدة: كلّم مريم المجدلية أشهر الخاطئات، وحين هموا بإلقاء القبض عليه ثانية، كان قد صعد إلى السماء.

صعد متأكداً أنه حرض كثيراً، حرض جيداً، وزرع القنابل الموقوتة بمختلف الأحجام.

أيها السيد..
كالعادة ستأتي في الموعد وتجدنا أعددنا لك كل شيء...المزود، هدايا المجوس، وأخبار الفترة التي تغيبت خلالها.
اطمئن، فلن تبذل جهودا متعبة هذه المرة، فالشعب مهيج سلفاً، وقد أفسدنا الناس حسب وصاياك.

أحضر بندقيتك وتعال.
حاول استبدال هويتك بهوية أخرى، فلا تنسَ أنك كنعاني شيوعي، وسيذبحونك هذه المرة (بطلت عادة الصلب) عند حواجزهم.
من أقصد بهم؟
القصة طويلة يا معلم، ولن أشغل بالك بها منذ الآن ... عندما تصل أطلعك على الأمر، كما أنني هيأت لك ملفاً كاملاً عن مناضلي آخر زمن... وسترى عجباً.
أسرع يا ابن الناصرة، فقد اشتقنا إليك.
اشتقنا إلى خطاباتك الجماهيرية وعجائبك المفاجئة.
أسرع حتى نحتفل معا بالنصر.
يا معلمي...
يا قائد الثورة
 


   

 

لطفا إشترك في الصفحات التالية   


 

إقرأ للكاتب أيضا