العشق والحكمة لا يلتقيان
 

 


نعم، لا يلتقيان، العشق والحكمة/ من ابن حزم الى بوب ديلان: العشق حكاية ليس إلا...

.. أثار هذا المنشور المستعاد كذكرى من ثلاثة أعوام الكثير من التفاعلات سواء على مستوى النقاش العام المعلن أم عبر رسائل وسائل التواصل الاجتماعي أم عبر قنوات الاتصال الشخصية مع بعض الأصدقاء الخلص لذلك وجدتني أكتب هذا التعقيب "الفيمابعدي" عسى أن أكون في أفق انتظار تفاعلات الأصدقاء والصديقات:
ان هذا المنشور في أصله تعريب مني لعبارة قالها الشاعر والفنان الامريكي الحائز على نوبل للآداب "بوب ديلان" مفادها انك لا يمكن ان تكون عاشقا وحكيما في الوقت نفسه.

ومنذ النشر الأول وحتى هذه المرة عبر نظام فيسبووك في استعادة المنشورات التي يمر عليها عام او اكثر كذكرى فقد أثار المنشور على بساطته وعلى فكاهة السياق الذي ورد فيه عديد ردود الأفعال تراوحت من الفذلكة والسخرية حتى التفكر في جدية الأمر وتراجيديته فإن مسألة العلاقة ما بين التعقل والحكمة وبين العشق والهيام هي مسألة ملتبسة وشائكة لو نظرنا اليها بعين الجد وبوعي الغوص في تاريخنا الجمعي "العربسلامي" ولقد ظلت التوترات سائدة ما بين المنادين بالعشق والمنادين بالحكمة وهكذا ترأس الفريق الثاني الفقهاء وأكليروس الدين ونعتوا الفريق الأول بأهل الخرقة وناقري الدفوف وشاربي الخمر حتى لو كان خمرا إلهيا بينما حافظ الفريق الأول على موقفه من ان الحقيقة لن تتحصل بالتجهم العقدي وعنعنة المرويات والاحتكام للعقل الموظف في خدمة النقل وقبل انتقاله الى الفئة الاولى شن أبو حامد الغزالي أعنف هجوم ضد الصوفية والتصوف.

وتمت السخرية من ابن حزم بسبب طوق الحمامة وظل ابن الفارض مشكوكا في عقيدته وقبلها سجن الحسين بن منصور الحلاج سبع سنين ثم صلب على ضفاف نهر دجلة بعد ان قطعت أطرافه وبما ان الشعراء هم دوما ورثة المتصوفة كما هم ورثة العاشقين فتراهم دوما يهيمون في وادي البوح والكتمان يعلنون ما يسرون ويضمرون ما هو مضنون به على غير أهله في لعبة أبدية عمادها اللغة واساسها المشاعر الجياشة وخطابها التعبير عن هموم الجموع العاجزة عن التعبير فما بين ابن حزم الأندلسي وبوب ديلان الأمريكي ليس غير الشعر في اصفى تجلياته عشقا وكلمات.