الردح الرقمي
الحارات الإفتراضية على مواقع التواصل الإجتماعي

 

 


أصبح من السهل جدا على أي شخص أن يهدي غيره الإساءة أو التحريض، فالوسيلة سلسة جدا ولا يصعب استخدامها وما أيسر من ذلك غير "الردح" وتفجير المصطلحات التي تثير مشاعر البغض بين الأفراد. وخاصة أن المصدر الأساسي لتداول المعلومة هي وسيلة قادرة على جمع الحشود الذين يحملون نفس الفكرة والأوليات، لذا تمتلك الرسالة قدرة عالية على التأثير. فمثلا قضايا العنف التي خرجت على مواقع التواصل الاجتماعي لاقت رواجا ضخما وتعاطف كبير، بالمقابل قد يمارس العنف في الحياة العامة دون أي ردة فعل تذكر.

اهدتنا مواقع التواصل الاجتماعي مساحة إضافية وواسعة من المعرفة للتعبير عن أنفسنا، بالطريقة التي تتناسب مع دوائرنا الاجتماعية واتجاهاتنا الفكرية والتي هي انعكاس لتفاعلنا مع البيئة والتربية والتعليم داخل المجتمعات، وبالتالي هي إسقاط فعلي لماهية النفس البشرية وردات الفعل، وكيف تحلل هذه الأحداث من حولها.

في يومنا هذا أصبحت مساحة التعبير ووسائلها المختلفة متشعبة وممتدة ومتعددة الأطراف، وبالرغم من صراع تأييد الحق من تقييده إلا اننا دائما نقع في هذه الهفوة من الزلل، خاصة عند الحديث عن حالة تضخم من الرسائل الرقمية التي تتسلل إلينا يوميا سواء من مصادر رسمية أو فردية وهي السمة الأكثر عشوائية.

الردح الرقمي:

العشوائية الفردية في التعبير عن كل سلوك أو حدث اجتماعي هو بحد ذاته حديث في اللهو، "تماما كرواية صباحية بفنجان قهوة على جانب حارة شعبية"، في المثال انحصر الحوار بساعة فراغ لدى الجارات في الحي وذلك على خلاف ما هو عليه على مواقع التواصل الاجتماعي، الرواية تحمل نص كامل يتشارك فيها الجميع وتحمل صفة الثبات وإن ذهبت تلك المشاعر.

تناول أطراف الكلام بين الخصوم على الشاشات، واشتعال الخلافات بين العائلات تحت وسوم متعددة مثلا" #مقصودة"، سهلة وبسيطة جدا إثارة الحوارات الغير صحية على مواقع التواصل الاجتماعي والإساءة للأخرين، سواء المقصود بهم الحديث أو متابعين حسابك الشخصي. ليس بهذا الحد هناك الكثير من العبارات التي تندد بالغدر من الأصدقاء والشعور بالوحدة والفشل في إيجاد الشريك، والنقمة على العمل والبغض من الدولة، روايات متواصلة من البغض الاجتماعي للأصدقاء والوالدين وبيئة العمل وحتى الدين.

قمت باستخدام حسابي الشخصي على صفحة الإنستغرام، من خلال ميزة "اطرح علي سؤالا"، حول موضوع الردح الرقمي، كانت الإجابات جميعها رافضة للفكرة بشكل قطعي بالرغم من تعدد وجهات الرؤية للموضوع، فمثلا الناشطة والإعلامية أبو حالوب: “بالصبع ضد وبشدة، وعلينا جميعا ان نكون على وعي بالحدود التي لا يجب تجاوزها على مواقع التواصل الاجتماعي "، كما تضيف الصحفية ندى أبو غديين " أكيد ضد، أخلاقنا مش بس قدام الناس، كمان من وراء الشاشات تنعكس، بحسهم مرضى على الواقع شي وعلى السوشيال ميديا شخص أخر"، ويصف محمد حمدان "شيء جدا سيء، باختصار زي سلفات الجيران لما يصوتهم يدخل عبيتك ويزعجك".

وللإثبات إننا في دائرة مطلقة من التعبير عما يلوج في خبايا النفس، بعد الانتهاء من كتابة المادة بحثت عن مسج صباحي يحمل سمة الهجوم لأحد أصدقائي المقربين، يقصد به شخص ما سأعرضه عليكم يحمل النص هذه الكلمات،

" حرفيا مش مسامح أي حد شوه صورتي قدام حدا لمجرد انه م بحبني اللي دخلني حوارات وقصص انا مليش دخل فيها، من ورا ضهري"، هو فقط جزأ من النص وليس كاملا ولا يعتبر أكثرها حدة، المشكلة في السلوك في الوقت الحالي إن الأشخاص لم يعودوا مدركين للسوك لانهم اعتادوا على ان هذا هو الطبيعي في الوقت الذي هم يخلقون حالة من البغض ويبثون رسائل مسيئة لأنفسهم.