مانيفيستو
من زرع ... انتصر

أنتمي إلى المشرق ... والرأس مرفوع والصدر منبسط والكف نظيفة.
أنتمي إلى رسوله المصطفى وصحابته وتابعيه ... وكل من أسلم وجهه لله حنيفًا مؤمنًا.
أنتمي إلى مسيحه يسوع بن مريم ... وتلامذته وشعبه ... وأشهد أنهم أبدعوا فيه حضورًا آسرًا ... وبسطوا مراحم الإله على امتداد صحاريه.

أنتمي إلى تاريخه مديدًا ... موصولًا ... يتعاقب من الجاهلية إلى صدر الإسلام ومن العباسيين إلى القرامطة فعصور الإنحطاط ... حتى انبعاث فجره الألق بعد ليل.
أنتمي إلى حضارته جامعًا لكل الحضارات ... وأهوى لسانه أحلى الألسنة ... وأفخر بعطاءاته أسخى العطاءات.
أنتمي إليه في عزه وذله ... في وهج انتصاراته وفي مرارة انكساراته ... في اتحاده وفي فرقته ... ولا أخجل به يوم تجتمع عليه الأيادي والنصال ... فيخرج على الجمع عاريًا إلَّا من دماه وشقائه العظيم.
 
 ولأنَّ بعضًا من النصارى في زمن القهر والنسل البغي راح ينكر علينا وصلًا به ... إذ يدعي تحالفنا مع أصول هجينة وحضارات بادت عن وجه الأرض ... ومع طينة من البشر متخلفة، رجعية، همجية ولاؤها لطائفتها وبيئتها ...  فقد وجبت الشهادة شرعًا  وبات الصمت اشتراكًا في مجزرة التزوير الكبرى.
 
أبدأ بالقول قاطعًا: 
الإسلام قَطْعًا جزء مكون وأساسي من الحضارة المشرقية ... جزء أساسي من تاريخنا ورؤيتنا وحساسيتنا الحضارية، لكنه لا يشكل كامل محتواها ... ولا هو رديف لها ... ولست أنا من يتبرع بإثبات ذلك ... فقد تولاه أئمة ومفكرون ورجال ثقة، قديمًا وحديثًا، وتوافقوا على اعتبار الإسلام دين الكثرة من المشرقيين دون أن يقتصر عليهم أو يلزم تخومهم ...
 
إلى ذلك أضيف، إنَّ الإسلام ليس بداوة ولا تخلفًا ولا فقرًا ولا صلافة ولا نسلًا خصيبًا.
وليست المسيحية رقيًا أو مدنية ... ولا هي معرفة أو  انفتاحًا ... ولا هي تهذيبًا  وامتلاكًا للغات الغرب.
 إن التخلف شأن سياسي اقتصادي، لم ينزل به القرآن ولا أمر به محمد ... كما أنني لا أعرف في أناجيل الكنيسة واحدًا يصف النصارى قوم حضارة ومدنية ويسر اجتماعي.

أوَ يكون نصارى بيت ساحور وغيرهم في فلسطين، أو نصارى مأدبا والسلط في الأردن، أو نصارى كسروان وجرود جبيل أبناء ترف وحضارة، يأكلون بالشوكة والسكين، ويترددون على محلات كريستيان ديور؟ أم دول أمريكا اللاتينية، المسيحية برمتها، حيث التخلف يضرب مرافق الحياة؟.
إنَّ قليلًا من العلم يفيد الذهن في بعض الأحيان.

بهذا أؤمن .. وله أشهد.
بمشرقية الحضارة يشدني إليها تاريخ لم ينقطع.
بمشرقية المصير... يوحدني مع الملايين المطروحة تحت كل سماء في بلادنا.
بمشرقية التطلعات إلى الغد الناهض من الركام ... نتخاصر لجعله بهيًا من أجل أطفالنا العراة.

أؤمن بذلك ... ولست خائنًا مسيحي ... ولا جاحدًا تاريخي ... ولا مبتدعًا عجبًا ... ولا ناطقًا كفرًا.
حسبي أن فارس الخوري رئيس وزراء سوريا المسيحي، تقدمنا جميعا عام 1936 يوم أطلق أحلى أقواله: "إذا كان الإسلام يعني تحرير سورية من الاستعممار الفرنسي ... فأشهد أنَّ لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله".

ونحن نسير على خطى قوله ونقول رغم إلحادنا: إذا كان الإسلام ... والشيعي تحديدًا ... يعني تحرير بلادنا من الطامعين بأرضنا ومياهنا وسمائنا ... فنشهد "أنَّ لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله"... ونزيد نكاية أنَّ "عليًّا ولي الله"...
 ومن يغص زلعومه بهذا الكلام، أو يحسب فيه طرف خيانة، فليقرأ تاريخ نصارى الشرق إنْ كان به جهولًا.
والسلام على من قرأ، فانفتحت عيونه.
 

 

 

لطفا إدعم الصفحات التالية