"البيت اليهودي" و "مسرح الميدان"


د. غازي العريضي
لبنان


 

الكلمة

 
مجلة الكاتب

في "الزمن الموازي" زمن الإرهاب الاسرائيلي والدعم الأميركي، والغياب العربي ، يشنّ حزب "البيت اليهودي" من خلال زعيمه وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت حرباً على "مسرح الميدان" الفلسطيني وهو أكبر مسرح عربي في اسرائيل يرأسه الفنان عدنان طرابشة، وتدعمه في ذلك وزيرة الثقافة والشباب ميري ريغيف التي أعلنت أنها تدرس الغاء دعم الوزارة لمسرح "المينا" في مدينة يافا لرفض مؤسسه الممثل الفلسطيني نورمان عيسى عرض مسرحياته في مستوطنة يهودية في غور الأردن. وبررّت موقفها بالقول: "... نحن في مواجهة دبلوماسية وعلينا عمل كل شيء لمنع تزويد أعدائنا بالذخيرة ضدنا" !! وكانت قد أعلنت سابقاً أنها "لن تسمح باسم التعددية المس بصورة اسرائيل وسمعتها وكونها دولة يهودية وديموقراطية"!!

وهل في قرارها ضد مسرح الميدان ديمــــوقراطية أم "تخويف للمؤلفين والمخــــرجين والمنتجين"؟؟ كما قال البروفسور المحاضر في موضوع السينما عنار برمنغر، أم بداية لما هو أسوأ، وهو طمس الفن العربي ومعه الهوية الفلسطينية وفرض الرؤية المريحة للمؤسسة الحاكمة"؟؟ كما قال فنانون فلسطينيون. وردّت الوزيرة قائلة: "إذا وجدت مسرحاً في اسرائيل يعاديها فإنني لن أتدخل معه ولن أسأله. كل ما سأفعله هو أن أحجب عنه أموال الشعب. فلا يعقل أن يموّل المواطنون مسرحاً يمجّد إرهابيين فلسطنيين"؟؟

أما الوزير بينيت فقد عين رئيساً جديداً للجنة موضوع تعليم المدنيات (العلوم السياسية) في المدارس يحمل آراء متطرفة ولا يعتبر الفلسطينيين شعباً ذوي حقوق ولا يرى أنهم يستحقون الحصول على دولة. وهذا الرئيس هو أساف ملاميد الذي أكد أكثر من مرة أنه "ليـــس كل شعب يستحق دولة" !! وإقامة دولة فلسطينية ستخلق خياراً ملموساً لتواصل متزمت يمتد من ايران وحتى السامرة ويعتبر مراهنة على تقويض الاستقرار الاقليمي ويشكل خطــــراً على الاستقرار العالمي"!! ويعتبر أن "إمكانية حدوث نمو اقتصادي في دولة كهذه منخفض ومخاطر اندلاع حرب أهلية فيها عالية جداً. وفي ظل وضع كهذا يتقوّض الحق الأخلاقي للفلسطينيين بالحصول على دولة" !! مؤكداً الالتزام الثابت بالدولة القومية اليهودية .

هكذا واستناداً الى تحليل وتوقعات يتقوّض الحق الأخلاقي للفلسطينيين باقامة دولة على أرضهم لأنه ثمة "حقاً إلهياً" أعطي لهذا العنصري وغيره لاحتلال واغتصاب أرض الآخرين وإرهابهم !!

إنها حرب عنصرية بكل ما للكلمة من معنى وإرهاب يشكل جانباً من إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه اسرائيل. حرب على العقل والفكر والإبداع والفن والذاكرة والموروث الثقافي لشعب بكل أجياله!!

مسرح الميدان الفلسطيني يجب أن يقفل لأن فنانين مبدعين مدافعين عن الحق، ممثلين مسرحيين ومخرجين ومنتجين يقدمون ابداعهم عليه يجب أن يقفل نهائياً!! لأن اسرائيل هي الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة وهذا هوتعريفها للديموقراطية وتفسيرها لممارستها!!

المسرح الوحيد المقبول والمسموح فتحه باستمرار هو مسرح الدم. دم الفلسطينيين المسفوك. مسرح القتل والإجرام الاحتلال والإرهاب والتجويع والأسر.

لا مكان هناك لحرية التفكير والمعتقد والتعبير والضمير والإبداع والتمثيل. هذه حرية ممنوعة أيها الفلسطينيون. أما الحرية التي لا حدود لها ولا رقابة عليها فهي حرية إبداع الاسرائيليين في قتلكم ودفن موروثكم وتعطيل ذاكرتكم والتمثيل بجثثكم وتجويعكم وسرقة الأعضاء من أجساد أسراكم، وإهانة أمهاتكم!!

هذه هي الثقافة الاسرائيلية والعلوم الاسرائيلية في دولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة. ثقافة الحقد والعنصرية وعلوم القتل ومصادرة العقول وإعدام المواهب والموهوبين والعلم والعلماء لدى الفلسطينيين !!إنها حرب لنزع شرعية الوجود الفلسطيني والحق الفلسطيني والتاريخ والتراث الفلسطينيين.

ماذا لو حصل شيء من هذا القبيل في دولة عربية أو إسلامية ماذا تقول أميركا التي تــــريد محاربة التطرف والإرهاب؟؟ أليس هذا إرهاباً بامتياز تمارسه دولة على مستوى مراكز قراراتها الأساسية؟؟ ماذا سيولّد هذا الإرهاب؟؟ أين الموقف الأميركي الداعي الى تطوير البرامج التربوية والتعليمية في عدد من الدول العربية والاسلامية وهي مسألة ضرورية، من هذه البرامج الاسرائيلية؟؟

إنها حرب اسرائيلية مفتوحة على المسرح الفلسطيني وتباركها أميركا!!

أترك مداخلة

Message

شكرا لمداخلتك، سوف يتم نشرها أسفل مقال الكاتب