قال العصفور


ميراي يونس
لبنان


 

 
مجلة الكاتب :: ميراي يونس

قالَ العُصفور للشَّجرة: بيتي الأجملُ أنتِ.
اخضرَّتِ الشَّجرةُ، أزهرَتْ،
وهتفَتْ: غرِّدْ يا قلبي... أنتَ!
فَحَلَّ ربيعٌ.

قالَ العُصفورُ للوردة: كيفَ أدنو منكِ
وأشواكُكِ تتربَّصُ بي؟
ردَّتِ الوردة: تفتَّحَت أزراري من لمسِ طيفِكَ...
غُطَّ في القلب.

قالَ العُصفورُ للرِّيح: وَيحَكِ، مهلًا، طيَّرتِني.
ردَّتِ الريح: لا تَخَفْ.
لستُ سوى صَفقِ جناحَيْكَ أنا.


قالَ العُصفورُ للجبل: أشعُرُ بالدوار وأنا على كتفَيْك.
سأهبطُ إلى السَّهل.
ردَّ الجبل: إيَّاك أن تتحرَّك.
إن ترحَلْ، أفقِدْ توازُني، أزحَلْ.

قالَ العُصفورُ للشَّمس: إيَّاكِ أن تُحرِقي جَناحَيَّ.
ردَّتِ الشَّمس: كيف أفعل...
ومَنْ يبقى لي ليرفَعَني، فأُشرقُ صباحًا؟

قالَ العُصفورُ للقمر: كم أشتهي تقبيلَ وجنتَيْك.
ردَّ القمرُ: ليتَكَ تَفعل.
دنا العُصفورُ، نقرَ خدَّي القمر، فانفجر،
وتناثرتِ الفِضَّة نجومًا رصَّعتِ السَّماء.

قالَ العُصفورُ للصَّيَّاد: متى يسودُ سلامٌ بيننا؟
ردَّ الصيَّاد: لا حربَ بيننا. الصَّيدُ هوايتي.
نفضَ العُصفورُ جناحَيْه، وقال: القتلُ هوايتُك.
ماذا ترَكْتَ للوحشِ يا عاقلًا؟

قالَ العُصفورُ للسَّماء: تَعِبْتُ من المسافاتِ والسَّفر.
ردَّتِ السَّماء: فَرَشْتُ لك المدى سريرًا،
ألبَسْتُهُ الغلالاتِ الزُّرقَ، التحِفِ الغيمَ ونَمْ.

قالَ العُصفورُ للبحر: أخافُ أقطعُ هذا المدى،
وقلبي حائرٌ ممَّا يخبِّئُهُ الأفق...
ردَّ البحر: لا تخف. في المقلبِ الآخر أملٌ جديد،
وحبيبٌ ينتظرُ، ومواعيدُ عشقٍ وسفر...
تعالَ، أمواجي ونسائمي تحملُك إلى برِّ أمان...
قالَ العُصفورُ للياسَمينة: ما سرُّ عطرِكِ، يدغدغ جَناحيَّ،
يشدُّني إليكِ على رَغمي؟
ردَّتِ الياسَمينة: اقترب صغيري.
زهرتي البيضاء قلبُ أمٍّ، ضَوعُ طيبِه يرنو إليك، ليُهدهِدَكَ...
وهل أرقُّ منه ليدفئَكَ في الأزمنة المظلمة، الباردة؟
(وكلُّ أمٍّ ياسَمينة في عيدِها...).

قال العصفورُ للدالية: "أَتُهديني خصلةً منكِ تُثيرُ شهوتي،
أودِعُكِ نَقْدَةَ شمس؟"،
فاحمرَّتْ عناقيدُها خجلًا.

قالَ العُصفورُ للمطر: "وَيْحَكَ، كيف أَقطعُ المدى من دونِ أن يُبلِّلَني ماؤكَ جميعُهُ؟".
ردَّ المطر: "لا تَخَف.
نَصَبْتُ لَكَ قبابَ الغيمِ مظلَّات.
طِرِ... السّماءُ لَك!".

أترك مداخلة

Message

شكرا لمداخلتك
سوف يتم نشرها أسفل مادة الكاتب