المقال
مجلة الكاتب اليساري :: جمال عبد العظيم 


جمال عبد العظيم | مصر

العرب أحق من اليهود في الإحتفال بعيد المساخر


بعد منتصف ليل العاشر من مارس - آذار من كل عام تبدأ إحتفالات عيد المساخر أو المسخرة عند اليهود، وحسب القصة التوراتية فقد شهد هذا التاريخ نجاة وخلاص اليهود من الإبادة. إذ قالت الأية 8 من الإصحاح الثالث في سفر إستير أن هامان كبير الوزراء في الإمبراطورية الفارسية حرض الملك الفارسي ضد اليهود لأنهم لا يقيمون قوانينه وسننه. فأصدر الملك الفارسي أمرا بذبح كل اليهود في الإمبراطورية الفارسية . ونجحت فتاة يهودية تدعى إستير في إنقاذ اليهود وإثناء الملك عن قراره.

ويقول الكاتب جاري جرينبرج في كتابه "أسطورة توراتية" أن قصة إستير لا علاقة لها بيهود فارس، فهي تدور حول خلاف قديم بين البابليون والعيلاميون. وأن عيد المساخر (بوريم) في الأصل عيدا بابليا وثنيا نقله اليهود العائدين من الأسر البابلي.

وتبدأ قصة إستير بإرتكاب الملكة "ووشي" زوجة الملك الفارسي "أحشويروش" خطأً كبيراً بأن عصت أوامر زوجها، وبسبب وجود بعض الضيوف فقد تحول الأمر إلى فضيحة كبيرة. وكان لابد من طلاقها حتى لا تقلدها المرأة الفارسية وتعصي أوامر زوجها. وأمر الملك بالبحث عن زوجة جديدة، وكان في القصر رجل يهودي إسمه موردخاي إبن يائير إبن شمعي إبن قيس، وقد نجا من الأسر البابلي مع يكنيا ملك يهوذا الذي سباه نبوخذ نصر. وكان يرعى ويكفل هداسه أو إستير إبنة عمه يتيمة الأبوين، وتنافست إستير مع الفتيات وتفوقت عليهن بجمالها وحسنها فأصبحت ملكة للبلاد. وكان الوزير هامان محبوبا من الملك فجعل كرسيه فوق كرسي جميع المرؤسين، وجعل كل العبيد بباب الملك يركعون ويسجدون لهامان الوزير. لكن موردخاي لم يركع ولم يسجد للوزير، فإستشاط هامان غضبا وقرر أن ينتقم من جميع اليهود في المملكة. وقال للملك أن هناك شعبا مفرقا في أنحاء مملكته مغايرين لباقي الرعية، ولا يحترمون قوانين الملك وسننه .

وإقترح على الملك إبادتهم في اليوم الثالث عشر من الشهر الأخير أي شهر آذار – مارس. ونجحت إستير في إنقاذ الشعب فيما صلب هامان عدو اليهود. والقصة قريبة جدا من قصة شهرزاد التي تمكنت من إنقاذ بنات جنسها بزواجها من الملك شهريار.

ويوضح جاري جرينبرج في كتابه أن القصة بها رمزية تعبر عن حربا أسطورية بين آلهة بلاد ما بين النهرين. فالإسمان مردوخ وإستير يرمزان لإثنان من الآلهة البابلية مردوخ وعشتار. أما الشرير هامان والملكة المارقة ووشتي فيرمزان لآلهة مدينة عيلام هومان و موشتي. ولعدة قرون كان البابليون والعيلاميون على عداء تام إلى أن أخضعهما الفرس لسلطانهم وإستمر العداء بينهما قائما .

وهذا العيد يسمى عيد البوريم ومصدرها كلمة بور الفارسية وتعني "قرعة" ، ويحتفل اليهود به في 14 آذار بأن يسرفوا في الشراب ، ولذا سماه العرب عيد المسخرة أو عيد المساخر . أما في إسرائيل فيسمى حرفيا "عيد حتى لا تميز شيئا" ومن مظاهر الإحتفال به تلاوة قصة إستير في الإذاعة وصيام اليوم السابق عليه وتبادل الهدايا . ويسميه العلمانيون اليهود كرنفال بوريم حيث يتنكر اليهود ويتقمصون شخصيات مختلفة .

وأعتقد أن اليهود الآن يحق لهم أن يحتفلوا وأن يسرفوا في الشراب، حيث أصبح لدي إسرائيل أكثر من إستير عربية تتنافسن على الخدمة في حظيرة الخنازير من بني إسرائيل. ومن سوء حظنا في مصر أن لدينا إستير حيزبون إسمها عبد الفتاح السيسي وتعمل رئيس جمهورية. وقد إعتاد اليهود على يد الصحفي إيدى كوهين تذكير المصريين من وقت لأخر بأن السيسي صهيونيا أكثر من الصهاينة. وتلك هي المسخرة الحقيقية التي أصبحنا نعيشها في مصر والمنطقة، والتي تجعلنا أحق من الصهاينة في الإحتفال بعيد المساخر.

وقد بلغت درجة الوقاحة والبجاحة بالسيدة إستير المصرية أن تستقدم سياحا من الصين!! في الوقت قرر فيه العالم أجمع إيقاف الرحلات مع الصين. وهكذا يصل بنا الرئيس المسخرة أو رئيس المساخر إلى حد إرتكاب جريمة إبادة جماعية في حق المصريين علنا . والجميع صامتون، نخبة، نواب برلمان، صحافيين، إلى جانب الشريحة البسيطة المؤيدة للسيسي كرجال الأعمال، لم ينطق أحد بكلمة يرفض بها هذا القتل المتعمد. وكأنهم يعلمون أن عبد الفتاح في مهمة قومية إسرائيلية هي إبادة شعب مصر .

والملاحظ أننا في مصر نعيش أكبر قدر من المساخر بوصول الرئيس المسخرة عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم. ليجسد إنتصار إسرائيل على مصر إنتصارا مخابراتيا نهائيا، مكنها من هدم نظام مبارك والإتيان بعميل نجس يدنس أرض مصر .

ورغم وجود أكثر من إستير في المنطقة مثل إستير آل زايد وإستير آل سعود، إلا أن حقارة السيدة إستير المصرية تجعلها تقتل شعبها علنا . إعتمادا على أنها في حماية اليهود والأمريكان وعلى أن الشعب المصري كله مكبل.

والحقيقة التي يعرفها علماء بني إسرائيل أن الفجر الجديد على وشك أن يولد وأن الحرب المقدسة توشك أن تبدأ. ويعد إلقاء القبض على السيدة إستير المصرية الشهيرة بعبد الفتاح السيسي هو عشية إنهاء العلو الثاني والأخير لبني إسرائيل. لنتبر ما علوا تتبيرا ونعيد الهدوء إلى كوكب الأرض، ولنسئ وجوههم، ولندخل المسجد كما دخلناه أول مرة .