مخيم جنين..


شوكة بحلق الاحتلال وعنوان للوحدة الفلسطينية

نادر الصفدي
فلسطين

المقال

 

لطالما ارتبط اسم مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة بالعمليات البطولية التي يقوم بها المقاومون في التصدي لقوات الجيش الإسرائيلي، وكذلك الشهداء الكبار الذين سقطوا على أرض المخيم للدفاع عنه، أمثال محمود طوابلة، ويوسف ريحان "أبو جندل"، وحمزة أبو الهيجا.

مخيم جنين، الذي يقع في أقصى غرب مدينة جنين والمحاط بالمرتفعات والسهول، والبقعة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها الـ 473 دونماً، وثاني أكبر مخيمات الضفة، شكل تغيراً كبيراً نوعياً في تاريخ المقاومة التي تواجه الاحتلال، وخاصة في مدن الضفة، التي لا يكاد يمر يوم إلا وتُسجل فيه حملات اقتحامات واعتقالات ومواجهة واسعة مع الفلسطينيين.

وبالنسبة للاحتلال الإسرائيلي وأجهزة مخابراته، يعد مخيم جنين "وكراً ومنبعاً" صعباً للغاية للمقاومة الفلسطينية، ويتجمع بداخله عدد كبير من الفلسطينيين والمقاومين من فصائل مختلفة، الذين فشل في اعتقالهم أو حتى اغتيالهم خلال السنوات الأخيرة.

 

شوكة المقاومة..

 

ويقول وصفي قبها، القيادي البارز في حركة حماس في الضفة الغربية: "إن مخيم جنين بالضفة بمثابة شوكة قوية في حلق الاحتلال الإسرائيلي، التي أوجعته على مدار سنوات طويلة".

ويؤكد قبها أن "المخيم شكل نقلة نوعية في تاريخ المقاومة والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي وجيشه، وصمودُ المقاومين داخل المخيم، وتحديهم للجيش الإسرائيلي، والاشتباك معه، ونصب الكمائن، يدل على قوتها ونضجها".

ويوضح أن "نجاح المقاومة في مخيم جنين، يعود لصمود المقاومين، وكذلك للالتفاف الشعبي الكبير الذي يحيط بها، وكذلك المعارك الماضية التي كان للمقاومة النصر فيها ضد الاحتلال الإسرائيلي وجيشه، والخسائر التي مني بها أخيراً".

ويضيف قبها: "المقاومة في مدن الضفة تواجه خطراً ثانياً غير الاحتلال، وهو التنسيق الأمني الذي تقيمه أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية، من خلال اتباع سياسة الباب الدوار في ملاحقة المقاومين والمجاهدين وتضييق الخناق عليهم".

ويشدد القيادي في حركة حماس "أن المقاومة الفلسطينية ستبقى شوكة في حلق الاحتلال، وما يجري بمخيم جنين من صمود وتحدٍّ وقوة هو دليل على أن المقاومة لم تمت وما زالت حية وتدافع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية".

 

 نبض المقاومة..

 

أبو خالد طوابلة، أحد قادة حركة فتح في مخيم جنين وقريب الشهيد محمود الطوالبة الذي سقط في معركة المخيم عام 2002، يقول: "إن المقاومة الفلسطينية أفشلت مراراً وتكراراً عمليات عسكرية كبيرة للجيش الإسرائيلي داخل مخيم جنين".

وأوضح طوابلة أن "مخيم جنين له وضع خاص في استعدادات المقاومة والتجهيزات العسكرية التي تتصدى بها لقوات الاحتلال التي تقتحم المخيم خلال فترات متقطعة، لتنفيذ عمليات اغتيال أو اعتقالات في صفوف المواطنين".

وذكر أن مخيم جنين يعد من أقوى وأصلب المخيمات مقاومة للاحتلال وجيشه، "وهناك إصرار من قبل قادة المقاومة على أن يكون المخيم شوكة كبيرة في حلق الاحتلال، وإفشال كل مخطط لتنفيذ عمليات اغتيال وملاحقة للمقاومين".

وكشف طوالبة أن هناك تنسيقاً مشتركاً بين الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة لحماية المخيم والدفاع عن سكانه، موضحاً أن المقاومة "ما زالت صامدة ولم تمت على الرغم من كل الإجراءات القمعية التي يقوم بها الاحتلال وجيشه منذ عشرات السنين لقتل روحها".

وحول تفاصيل الأحداث التي وقعت في المخيم ليل الثلاثاء، رفض القيادي طوالبة الحديث عن التفاصيل الدقيقة للعملية، واكتفى بالقول: "وردتنا معلومات أولية بتنفيذ الاحتلال عملية عسكرية لاعتقال أحد المقاومين، وقمنا بتجهيز كمين لتلك القوة ومحاصرتها، وأوقعنا خسائر في صفوفهم، وأجبرناهم على الانسحاب من المكان فجراً".

 

 تصعيد خطير

 

وبدوره حمل علاء أبو الهيجاء، ابن الأسير المحرر، الذي اعتقلته قوات الاحتلال فجر الثلاثاء برفقه والده القيادي في حركة "حماس" مجدي أبو الهيجاء، وأفرج عنه بعد ساعات، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة والده بعد اعتقاله.

وأكد علاء أن جيش الاحتلال "قام بعملية عسكرية جبانة ضد عائلته، فجر الثلاثاء، وتخللها قصف المنزل والاعتداء على كافة من بداخله من نساء وأطفال، واقتيادهم للاعتقال دون سابق إنذار".

واعتبر ابن الأسير أبو الهيجاء، ما جرى من اعتداء "وحشي على عائلته في غاية الخطورة، وتعدّياً صارخاً على الحرمة الفلسطينية، يجب التصدي له بكل قوة وحزم من قبل المجتمع الدولي، وكذلك المؤسسات الفلسطينية الرسمية".

وكانت مصادر عبرية قد تحدثت، يوم الثلاثاء، أن جيش الاحتلال وقع في كمين نصبته له المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين، مما أدى إلى وقوع اشتباكات مسلحة أسفرت عن حرق جيب إسرائيلي وإصابة ضابط، ورداً على العملية قامت قوات الاحتلال بإطلاق القذائف والنيران على عدد من المنازل، وتدمير منزل أبو الهيجا بشكل كامل.

وقد استهدف الاحتلال مخيم جنين منذ سنوات طويلة، ولعل أبرز المعارك التي دارت بداخله بداية اجتياح الاحتلال للضفة الغربية المحتلة، في شهر مارس/آذار من العام 2002، حيث خاض رجال المخيم من كافة الفصائل معركة خلدها التاريخ دامت 15 يوماً، دمر خلالها الاحتلال المخيم بشكل شبه كامل، فيما سجلت خلالها ملاحم من البطولة والمقاومة، استشهد فيها أهم القيادات العسكرية من الفصائل الفلسطينية آنذاك في الضفة الغربية.